بسم الله الرحمن الرحيم
هل شعرت يومآ وأنت تستمع الى عبارات معينه , وكلمات تقتحم عليك سكونك , فترى وكانك امام طوفان عظيم من الكلمات الحيه؟
نعم…لقد أكتشفت منذو تلك الطفولة البعيده دون ادنى درايه بما يسمى بالصوت الموسيقي ( الذبذبة الحرفية ) الداخلية والباطنية في العبارات القرآنية ,
وهذا سر من اعظم الأسرار في التركيب القرآني العظيم .
انه ليس بالشعر او بالنثر او بالكلام المسجوع , و إنما هو معمار خاص من الألفاظ صفت بطريقة تكشف عن الموسيقى ألباطنه فيها.
وفرق كبير بين الموسيقى الباطنة و الظاهرة ….
فلو أخذنا بيتآ من الشعر, ذا وقع موسيقي تطرب له النفوس عند سماعه,
فستجدها موسيقى خارجية صنعها الشاعر بتشطير الكلمات في أشطار متساوية بوزن دقيق ثم أغلقها بترنيم صوتي يسمى القافيه الحرفية ، فتجد من ذلك وقعآ تطرب له النفس مصحوباً بأوزان متعارف عليها تزيد من رونق البيت …… وستجد أن تأثيرها عليك يأتي من خارج الكلمات وليس من داخلها.
أما حين تتلو قولة تعالى )) : والضحى <1> والليل أذا سجى <2> ما ودعك ربك وما قلى )) ففي كل آيه أنت تقف امام شطر واحد وهي بالتالي تخلو من التقنية والوزن والتشطير , ومع ذلك فالموسيقى تقطر من كل حرف فيها , من أين؟
وكيف؟
وهذه الموسيقى الداخلية ( الموسيقى الباطنة ) .
سر من أسرار المعمار القراني لا يشاركه فيه أي تركيب أدبي , وكذلك عندما تتـلو قولة تعالى : (( الرحمن <1> علم القرآن <2> خلق الإنسان <3> علمه البيان )) .
كل عبارة بنيان موسيقي قائم بذاته تنبع فيه الموسيقى من داخل الكلمات ومن ورائها ومن بينها بطريقة محيره لاتدري كيف تتم .
وحين يروي القران حكاية موسى بذلك الأسلوب ( السيمفوني ) المذهل لـ قولة تعالى : ((ولقد أوحينا إلى موسى أن أسري بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشا <77> فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم <78> وأضل فرعون قومه وما هدى)) .
كلمات في غاية الرقه مثل( يبسا ) أو لا تخاف ( دركا ) بمعنى لا تخاف إدراكا ً .
إن الكلمات تذوب في يد خالقها وتصطف وتتراص في معمار و رصف موسيقي فريد . . هو نسيج وحده بين كل ما كتب سابقا ولاحقا بالعربية وعرف بها .
لا شبه بينه و بين الشعر و لا بينه وبين النثر المتأخر والمتقدم ولا محاوله واحده للتقليد حفظها لنا التاريخ برغم كثرة الأعداء الذين أرادوا الكيد للقران .
في كل هذا الزخم تبرز العبارات القرانيه منفرده بخصائصها تماما .. وكأنها ظاهره بلا تبرير ولا تفسير سوى أن لها إعجازا ً فريدا بها .
والمتلمس للعبارات البسيطه المقتضبة التى روى بها الله قصة طوفان نوح , تستطيع أن تلمس ذلك الشيء الهائل الجليل في الألفاظ بقوله تعالى : (( وهي تجري بهم في موج كالجبال … )) إلى قوله: (( وقيل يا أرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين )) .
تلك اللمسات الهائلة . . كل لفظ له ثقل الجبال و وقع الرعود تنزل وفجاءه . . . فكل شيء صامت بسكون وهدوء ساحرين وقد كفّ الغضب الإلهي و أوصلها الرحمن إلى خاتمتها في تناسق عظيم .
إنك لتشعر بشيء غير بشري تماما في هذه الألفاظ الهائله الجليله المنحوته من صخر صوان وكأن كل حرف فيها جبل من جبال الألب .
لا تستطيع أن تغير حرفا أو تستبدل كلمة بأخرى أو تؤلف جملة مكان جملة تعطي نفس الإيقاع والنغم والحركه والثقل والدلالة .
ولهذا وقعت العبارات القرانية على اذان عرب الجاهلية الذين عشقوا الفصاحة والبلاغة وقع الصاعقة .
ولم يكن مستغربا من جاهلي مثل ( الوليد بن المغيرة ) المشتهر بعدائه لله ورسوله أن يذُهل وأن لا يستطيع أن يكتم إعجابه بالقران برغم كفره فيقول : ( والله إن لقوله لحلاوة , وإن عليه لطلاوة , وإن أعلاه لمثمر , وإن أسفله لمغدق , إنه ليعلى ولا يُعلى عليه).
أن ما أردت أن تصل إليه هو معرفة ما مدى الترتيب الحرفي في القرآن , وذاك من أكمل الأعجاز القرآني , وللتوضيح أكثر سوف أعرّج على حادثه فريدة من نوعها حدثت مع ابن عباس رضي الله عنه اثبت و وضع بها أسس هذا العلم وأشار إليه بلطف فهل من متعقل لها ؟ .
أورد ابن هشام في سيره قال : بينما ابن عباس في مسجده يعلم الناس وهم محتبكون به , إذ دخل عليهم شاب رث الثياب متسخ البدن قد علا صوته يهذي بكلام غير مفهوم فعرفه الناس فقاموا ينتهرونه وهموا بإخراجه من المسجد , فقال لهم ابن عباس : ما خبر هذا الشاب ؟ قالوا له انه شاب في الثلاثين من عمره قد ذهب عقله في يوم وليله , وأصبح كما ترى مجنونا لا يعي ما يفعل , فقال لهم صاحب رسول الله ( صلى الله علية وسلم ) : أدنوه مني , فلما مثل بين يديه وضع ابن عباس يده على رأسه وقرأ عليه سورة ( يس ) فما أن انتهى منها حتى قام الشاب وما به شيء وقد شفي تماما ورجع إليه عقلة , فسأل الناس ابن عباس ما قرأت عليه فقال : سورة قال عنها رسول الله ( صلى الله علية وسلم ) هي قلب القرآن و وددت أنها بقلب كل مسلم ) .
وأني اربط هذه الحادثة بقول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال : كنت إذا تعسر علي حفظ شئ أضعه جانبا وأفتح المصحف على ” يس ” فأقرؤها فما أن أتمها حتى ارجع للتي كنت أحفظها , فأقرئها من مرة واحده فأحفظها . .
فنظرت إلى دراسة أعدت في إحدى جامعاتنا لمخ الإنسان , وجدو أن مركز الفهم والحفظ بعقل الإنسان تحتوي على مائة ثقب , فالإنسان الطبيعي يستخدم من عشرين إلى خمسه وعشرين ثقبا منها , وكلما ازداد حفظا و نباغه وصلت إلى خمسه وثلاثين ثقبا مستقبله , وصاحب ألبلاده وجدوها تصل لديه إلى خمسة عشر فقط وان مادون العشر يصبح مجنونا لا يفقه شئ بل لو زادت الثقوب المستخدمة عن الستين قد يجن الإنسان من فرط ذكائه . .
أثبت البحث أن الترتيب الذبذبي لحروف سورة ” يس ” إذا قرأت على رأس إنسان تكون تلك الذبذبة هي مفتاح لتلك الثقوب فما أن ينتهي الشخص من قراءتها إلا وقد وصل عدد ثقوب الفهم والحفظ بعقله إلى الثلاثين تقريبا وهذا هو الأعجاز الحرفي الذبذبي في القرآن الكريم .
لذلك نجد أن القراءة على الماء والزيت مثلا , ما أن تلامس الذبذبات الحرفية من الفاتحة أو غيرها حتى تبدأ بترتيب وتشكيل البلورات والجزيئات المكونة لتلك السوائل بشكل تكون فيه أكثر قوه ومفعولا ً.
وختاما أرجو من الله أن أكون استطعت أن أوصل لكم بعض الأعجاز القرآني في الشفاء . .
فأن كان هناك نقص وخطأ فمن نفسي والشيطان وصلى الله وسلم على نبينا محمد .