لزهر الفائح في دلائل صلاة الفاتح [ أولاً ] الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . وبعد : فقد...
الزهر الفائح في دلائل صلاة الفاتح
[ أولاً ]
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وبعد : فقد وجدت ــ والحمد لله تعالى ــ بالإضافة للأدلة العامة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأمر بها ــ ما يشهد لصلاة الفاتح المشهورة: "اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق ، والخاتم لما سبق ، ناصر الحق بالحق ، والهادي إلى صراطك المستقيم ، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم" .
فقد أخرج الطبراني في المعجم الأوسط [رقم 9089 طبعة دار الحرمين ] وغيره بإسناده عن سلامة الكندي قال : " كان عليٌّ ـ رضي الله عنه ـ يعلم الناس الصلاة على نبي الله ، يقول : اللهم َّ داحي المدحوَّات ، وبارئ المسموكات ، وجبَّار القلوب على فطراتها شقيها وسعيدها ، اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، ورافع تحيتك على محمد عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما أغلق ، والمعلن الحق بالحق ، والدامغ جَيَشَات الأباطيل كما كمل فاضطلع بأمرك لطاعتك مستوفراً في مرضاتك بغير ملك في قدم ولا وهن في عزم ، داعياً لوحيك حافظا لعهدك ، ماضياً على نفاد أمرك حتى أورى تبسماً لقابس به هديت القلوب بعد خرصات الفتن والإثم بموضحات الأعلام ، ومسرات الإسلام وماثرات الأحكام فهو أمينك المأمون وخازن علمك المخزون ، وشهيدك يوم الدين ، ومبعوثك نعمة ً ورسولك بالحق رحمة ، اللهم افسح له متفسَّحاً في عدلك واجزه مضاعفات الخير من فضلك ، له مهنيات غير مكدرات من فوز ثوابك المعلوم وجزيل عطائك المجلول ، اللهم أعْلِ على بناء الباقين بناءه ، وأكرم مثواه لديك ونُزُله ، وأتمم له نوره , وأجره من ابتعاثك له ، مقبول الشهادة مرضي المقالة ، ذا منطق عدلٍ ، وكلام ٍ فصل ٍ ، وحجةٍ وبرهانٍ عظيم ٍ " .
[في الطبراني بدل قوله " المعلن " : المعلوم ، وفي المجمع : المعين . وما أثبته يوافق ما عند الطبري وابن أبي عاصم والسخاوي ].
ورواه أيضاً ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم [رقم 23 ] ، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار [ الجزء المفقود المطبوع حديث رقم 352]، وسعيد بن منصور ، وابن فارس [ كما في فتح الباري 11/190 ] ، وغيرهم ، من طريق سلامة الكندي عن سيدنا علي رضي الله عنه موقوفاً عليه .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح [11/190] : "حديث موقوف " . ولم يتكلم في إسناده ، وأعلَّه الحافظان الهيثمي والسخاوي بالإرسال .
قال الحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد [10/164] : " رواه الطبراني في الأوسط وسلامة الكندي روايته عن علي مرسلة ، وبقية رجاله رجال الصحيح " .
وقال الحافظ السخاوي في القول البديع [ص 54] : " أخرجه الطبراني وابن أبي عاصم .......هكذا موقوفاً بسند ضعيف " . و ذكر كلام الحافظ الهيثمي السابق ثم قال : " وأخرجه النخشبي في العاشر من الحنانيات وقال : لا يعرف سماع من علي ، والحديث مرسل . وقال ابن كثير : هذا مشهور من كلام علي ، وقد تكلم عليه ابن قتيبة في مشكل الحديث ، وكذا أبو الحسن بن فارس اللغوي في جزء جمعه في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في إسناده نظر .
وقد قال الحافظ أبو الحجاج المزي : سلامة الكندي هذا ليس بمعروف ولم يدرك علياً ، كذا قال : والعلم عند الله تعالى ، وهو عند ابن عبد البر من طريق أبي بكر بن أبي شيبة بسند فيه من لم يعرف بنحوه وزاد في آخره : اللهم اجعلنا سامعين مطيعين أولياء مخلصين ، ورفقاء مصاحبين اللهم بلغه منا السلام واردد علينا منه السلام " ا هـ .
[ ثانياً ]
ومحل الشاهد في هذا الأثر الموقوف هو قوله " على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما أغلق والمعلوم الحق بالحق ..." ، وفي بعض الروايات
" والمعلن الحق بالحق " بدل قوله : " المعلوم الحق بالحق " .
وتدل على العبارة الأولى في صلاة الفاتح الدلائل الكثيرة الصحيحة في الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويكفينا قوله تعالى : {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً }(الأحزاب 56) . والأحاديث في هذا الباب أكثر من أن تحصى وهي معروفة مشهورة ، راجع جلاء الأفهام لابن القيم ، والقول البديع للسخاوي ، والدر المنضود لابن حجر المكي ، وغيرها .
وأما المراد بالقدر في العبارة الأخيرة في صلاة الفاتح " حق قدره ومقداره العظيم " فقد جاء في مختار الصحاح باب (قدر) : " قَدْرُ الشيء مبلغه ، وقَدَرُ الله وقَدْره بمعنى ، وهو في الأصل مصدر ، قال الله تعالى :
{وما قدروا الله حق قدره } أي ما عظموه حق تعظيمه ..." .
ويشهد للعبارة الأخيرة في صلاة الفاتح المذكورة " حق قدره ومقداره العظيم ..." التضعيفات الواردة في عدد من الأحاديث في بعض الأذكار الواردة كالتسبيح و التحميد ونحوهما ، ومنها ما رواه مسلم في صحيحه (2726) وغيره من حديث جويرية رضي الله عنها مرفوعاً وفيه : " لقد قلتُ بعدكِ أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته " .
واستنبط العلماء منها جعل التضعيف في الأذكار الأخرى كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفضل الله واسع والحمد لله تعالى .
وقد نقل السخاوي في القول البديع (ص250ـ 251) روايات متعددة عن الإمام الشافعي في صلاته على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، منها الصلاة الشهيرة التي ختم بها كتاب " الرسالة " وهي : " صلى الله على محمد عدد ماذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون ..." .
[ثالثاً]
بالإضافة لما تقدم ذكره فإن الأسماء التي ذكرت في صلاة الفاتح :
( الخاتم ـ الفاتح ـ الهادي ـ الناصر ) هي من الأسماء التي ذكرها من ألف من العلماء في أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتناولوها بالشرح والتدليل وذكروا ما روي من روايات فيها ، فلا نطيل بنقل ذلك ، ومن هؤلاء العلماء الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ رحمه الله تعالى في كتابه " الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة صلى الله عليه وسلم " ، فقد أجاد وأفاد ، فليرجع إليه من أراد معرفة معانيها ومايتعلق بها من شرح وتدليل .
هذا ما يسر الله تعالى كتابته في هذه العجالة ، وربما أفصل إن شاء الله تعالى ما أجملته هنا ، وبالله تعالى التوفيق .
والحمد لله أولا وآخراً ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين ، وعلى آله المطهرين ، وأصحابه المهتدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
الزهر الفائح في دلائل صلاة الفاتح
[ أولاً ]
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وبعد : فقد وجدت ــ والحمد لله تعالى ــ بالإضافة للأدلة العامة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأمر بها ــ ما يشهد لصلاة الفاتح المشهورة: "اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق ، والخاتم لما سبق ، ناصر الحق بالحق ، والهادي إلى صراطك المستقيم ، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم" .
فقد أخرج الطبراني في المعجم الأوسط [رقم 9089 طبعة دار الحرمين ] وغيره بإسناده عن سلامة الكندي قال : " كان عليٌّ ـ رضي الله عنه ـ يعلم الناس الصلاة على نبي الله ، يقول : اللهم َّ داحي المدحوَّات ، وبارئ المسموكات ، وجبَّار القلوب على فطراتها شقيها وسعيدها ، اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، ورافع تحيتك على محمد عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما أغلق ، والمعلن الحق بالحق ، والدامغ جَيَشَات الأباطيل كما كمل فاضطلع بأمرك لطاعتك مستوفراً في مرضاتك بغير ملك في قدم ولا وهن في عزم ، داعياً لوحيك حافظا لعهدك ، ماضياً على نفاد أمرك حتى أورى تبسماً لقابس به هديت القلوب بعد خرصات الفتن والإثم بموضحات الأعلام ، ومسرات الإسلام وماثرات الأحكام فهو أمينك المأمون وخازن علمك المخزون ، وشهيدك يوم الدين ، ومبعوثك نعمة ً ورسولك بالحق رحمة ، اللهم افسح له متفسَّحاً في عدلك واجزه مضاعفات الخير من فضلك ، له مهنيات غير مكدرات من فوز ثوابك المعلوم وجزيل عطائك المجلول ، اللهم أعْلِ على بناء الباقين بناءه ، وأكرم مثواه لديك ونُزُله ، وأتمم له نوره , وأجره من ابتعاثك له ، مقبول الشهادة مرضي المقالة ، ذا منطق عدلٍ ، وكلام ٍ فصل ٍ ، وحجةٍ وبرهانٍ عظيم ٍ " .
[في الطبراني بدل قوله " المعلن " : المعلوم ، وفي المجمع : المعين . وما أثبته يوافق ما عند الطبري وابن أبي عاصم والسخاوي ].
ورواه أيضاً ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم [رقم 23 ] ، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار [ الجزء المفقود المطبوع حديث رقم 352]، وسعيد بن منصور ، وابن فارس [ كما في فتح الباري 11/190 ] ، وغيرهم ، من طريق سلامة الكندي عن سيدنا علي رضي الله عنه موقوفاً عليه .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح [11/190] : "حديث موقوف " . ولم يتكلم في إسناده ، وأعلَّه الحافظان الهيثمي والسخاوي بالإرسال .
قال الحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد [10/164] : " رواه الطبراني في الأوسط وسلامة الكندي روايته عن علي مرسلة ، وبقية رجاله رجال الصحيح " .
وقال الحافظ السخاوي في القول البديع [ص 54] : " أخرجه الطبراني وابن أبي عاصم .......هكذا موقوفاً بسند ضعيف " . و ذكر كلام الحافظ الهيثمي السابق ثم قال : " وأخرجه النخشبي في العاشر من الحنانيات وقال : لا يعرف سماع من علي ، والحديث مرسل . وقال ابن كثير : هذا مشهور من كلام علي ، وقد تكلم عليه ابن قتيبة في مشكل الحديث ، وكذا أبو الحسن بن فارس اللغوي في جزء جمعه في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في إسناده نظر .
وقد قال الحافظ أبو الحجاج المزي : سلامة الكندي هذا ليس بمعروف ولم يدرك علياً ، كذا قال : والعلم عند الله تعالى ، وهو عند ابن عبد البر من طريق أبي بكر بن أبي شيبة بسند فيه من لم يعرف بنحوه وزاد في آخره : اللهم اجعلنا سامعين مطيعين أولياء مخلصين ، ورفقاء مصاحبين اللهم بلغه منا السلام واردد علينا منه السلام " ا هـ .
[ ثانياً ]
ومحل الشاهد في هذا الأثر الموقوف هو قوله " على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما أغلق والمعلوم الحق بالحق ..." ، وفي بعض الروايات
" والمعلن الحق بالحق " بدل قوله : " المعلوم الحق بالحق " .
وتدل على العبارة الأولى في صلاة الفاتح الدلائل الكثيرة الصحيحة في الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويكفينا قوله تعالى : {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً }(الأحزاب 56) . والأحاديث في هذا الباب أكثر من أن تحصى وهي معروفة مشهورة ، راجع جلاء الأفهام لابن القيم ، والقول البديع للسخاوي ، والدر المنضود لابن حجر المكي ، وغيرها .
وأما المراد بالقدر في العبارة الأخيرة في صلاة الفاتح " حق قدره ومقداره العظيم " فقد جاء في مختار الصحاح باب (قدر) : " قَدْرُ الشيء مبلغه ، وقَدَرُ الله وقَدْره بمعنى ، وهو في الأصل مصدر ، قال الله تعالى :
{وما قدروا الله حق قدره } أي ما عظموه حق تعظيمه ..." .
ويشهد للعبارة الأخيرة في صلاة الفاتح المذكورة " حق قدره ومقداره العظيم ..." التضعيفات الواردة في عدد من الأحاديث في بعض الأذكار الواردة كالتسبيح و التحميد ونحوهما ، ومنها ما رواه مسلم في صحيحه (2726) وغيره من حديث جويرية رضي الله عنها مرفوعاً وفيه : " لقد قلتُ بعدكِ أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته " .
واستنبط العلماء منها جعل التضعيف في الأذكار الأخرى كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفضل الله واسع والحمد لله تعالى .
وقد نقل السخاوي في القول البديع (ص250ـ 251) روايات متعددة عن الإمام الشافعي في صلاته على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، منها الصلاة الشهيرة التي ختم بها كتاب " الرسالة " وهي : " صلى الله على محمد عدد ماذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون ..." .
[ثالثاً]
بالإضافة لما تقدم ذكره فإن الأسماء التي ذكرت في صلاة الفاتح :
( الخاتم ـ الفاتح ـ الهادي ـ الناصر ) هي من الأسماء التي ذكرها من ألف من العلماء في أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتناولوها بالشرح والتدليل وذكروا ما روي من روايات فيها ، فلا نطيل بنقل ذلك ، ومن هؤلاء العلماء الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ رحمه الله تعالى في كتابه " الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة صلى الله عليه وسلم " ، فقد أجاد وأفاد ، فليرجع إليه من أراد معرفة معانيها ومايتعلق بها من شرح وتدليل .
هذا ما يسر الله تعالى كتابته في هذه العجالة ، وربما أفصل إن شاء الله تعالى ما أجملته هنا ، وبالله تعالى التوفيق .
والحمد لله أولا وآخراً ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين ، وعلى آله المطهرين ، وأصحابه المهتدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين